فصل: فَصْلٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. فَصْلٌ:

تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ وَلَوْ بَائِنٌ بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ حَامِلًا كَانَتْ أَوْ حَائِلًا قَالَ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} (إلَّا نَاشِزَةً) بِأَنْ طَلُقَتْ حَالَ نُشُوزِهَا، فَإِنَّهَا لَا سُكْنَى لَهَا فِي الْعِدَّةِ، كَمَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ، وَلَوْ نَشَزَتْ فِي الْعِدَّةِ، سَقَطَتْ سُكْنَاهَا فَإِنْ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ، عَادَ حَقُّ السُّكْنَى وَقِيلَ إنْ نَشَزَتْ عَلَى الزَّوْجِ، وَهِيَ فِي بَيْتِهِ، فَلَهَا السُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ خَرَجَتْ وَاسْتَعْصَتْ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَا سُكْنَى لَهَا، وَتُسْتَثْنَى الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ فَإِنَّهَا لَا سُكْنَى لَهَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ حَالَةَ النِّكَاحِ، وَكَذَا تُسْتَثْنَى الْأَمَةُ حَيْثُ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ نِكَاحِ الْعَبْدِ. (وَلِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِحَدِيثِ، «فُرَيْعَةَ بِضَمِّ الْفَاءِ بِنْتِ مَالِكٍ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ زَوْجَهَا قُتِلَ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا، وَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ. قَالَتْ فَانْصَرَفْتُ حَتَّى إذَا كُنْت فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ: اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، قَالَتْ: فَاعْتَدَدْت فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ. وَالثَّانِي لَا سُكْنَى لَهَا، كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إذْنِ النَّبِيِّ لِفُرَيْعَةَ أَوَّلًا، وَقَوْلُهُ لَهَا ثَانِيًا، اُمْكُثِي فِي بَيْتِك مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَهُمَا وَيُجَابُ بِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْوُجُوبِ أَرْجَحُ (وَفَسْخٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَالطَّلَاقِ بِجَامِعِ فُرْقَةِ النِّكَاحِ، وَفِي الْحَيَاةِ وَسَوَاءٌ الْفَسْخُ بِرِدَّةٍ وَإِسْلَامٍ وَرَضَاعٍ وَعَيْبٍ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا تَجِبُ لِأَنَّ وُجُوبَهَا بَعْدَ زَوَالِ النِّكَاحِ مُسْتَبْعَدٌ، وَالنَّصُّ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْمُطَلَّقَةِ فَيَبْقَى غَيْرُهَا عَلَى الْأَصْلِ وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ لَهَا مَدْخَلٌ فِي ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ، كَأَنْ فَسَخَتْ بِخِيَارِ، الْعِتْقِ أَوْ بِعَيْبِ الزَّوْجِ أَوْ فَسَخَ هُوَ بِعَيْبِهَا فَلَا سُكْنَى لَهَا قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَدْخَلٌ فِي ارْتِفَاعِهِ كَأَنْ انْفَسَخَ بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ أَوْ رِدَّتِهِ وَالرَّضَاعِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، فَفِي وُجُوبِ السُّكْنَى لَهَا الْقَوْلَانِ وَالرَّابِعُ كَالثَّالِثِ فِي شِقِّهِ الْأَوَّلِ، وَيَجِبُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي قَطْعًا.
(وَتَسْكُنُ فِي مَسْكَنٍ كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ وَلَيْسَ لِزَوْجٍ وَغَيْرِهِ إخْرَاجُهَا وَلَا لَهَا خُرُوجٌ) مِنْهُ فَلَوْ اتَّفَقَتْ مَعَ الزَّوْجِ عَلَى الِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لَمْ يَجُزْ وَعَلَى الْحَاكِمِ الْمَنْعُ مِنْهُ، لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ وَجَبَ فِي ذَلِكَ الْمَسْكَنُ قَالَ تَعَالَى {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} وَإِضَافَةُ الْبُيُوتِ إلَيْهِنَّ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَسْكَنُهُنَّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالرَّجْعِيَّةُ كَغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ، قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. وَفِي الْحَاوِي وَالْمُهَذَّبِ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ كَالزَّوْجَةِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ، (قُلْت وَلَهَا الْخُرُوجُ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ وَكَذَا بَائِنٌ فِي النَّهَارِ لِشِرَاءِ طَعَامٍ وَغَزْلٍ وَنَحْوِهِ) لِحَاجَتِهَا إلَى ذَلِكَ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِشِرَاءِ طَعَامٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ بَيْعِ غَزْلٍ، (وَكَذَا لَيْلًا إلَى دَارِ جَارَةٍ لِغَزْلٍ وَحَدِيثٍ وَنَحْوِهِمَا) لِلتَّأَنُّسِ فِيهَا لَكِنْ (بِشَرْطِ أَنْ تَرْجِعَ وَتَبِيتَ فِي بَيْتِهَا) وَفِي الْبَائِنِ قَوْلٌ قَدِيمٌ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ لِمَا ذَكَرَ، بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِمَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ «أَنَّ رِجَالًا اُسْتُشْهِدُوا بِأُحُدٍ فَقَالَتْ نِسَاؤُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَسْتَوْحِشُ فِي بُيُوتِنَا، فَنَبِيتُ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ، فَأَذِنَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَحَدَّثْنَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ النَّوْمِ تَأْوِي كُلُّ امْرَأَةٍ إلَى بَيْتِهَا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ. أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا تَخْرُجُ، لِمَا ذَكَرَ إلَّا بِإِذْنِهِ كَالزَّوْجَةِ إذْ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهَا (وَتَنْتَقِلُ مِنْ الْمَسْكَنِ لِخَوْفٍ مِنْ هَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ) عَلَى نَفْسِهَا أَوْ مَالِهَا (أَوْ عَلَى نَفْسِهَا) مِنْ فُسَّاقٍ مُجَاوِرِينَ لَهَا (أَوْ تَأَذَّتْ بِالْجِيرَانِ أَوْ هَمَّ بِهَا أَذًى شَدِيدًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ وَمِمَّا يُصَدَّقُ بِهِ الْجِيرَانُ الْأَحْمَاءُ وَقَدْ فَسَّرَ تَعَالَى: {إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} بِالْبَذَاءِ بِاللِّسَانِ عَلَى الْأَحْمَاءِ.
(وَلَوْ انْتَقَلَتْ إلَى مَسْكَنٍ بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ اعْتَدَّتْ فِيهِ عَلَى النَّصِّ) لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْمُقَامِ فِيهِ، وَقِيلَ تَعْتَدُّ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْصُلْ وَقْتَ الْفِرَاقِ فِي الثَّانِي، وَقِيلَ تَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَالَةَ الْفِرَاقِ وَلَهَا تَعَلُّقٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَقِيلَ تَعْتَدُّ فِي أَقْرَبِهِمَا إلَيْهَا عِنْدَ الْفِرَاقِ، وَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَتْ، أَمَّا إذَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بَعْدَ وُصُولِهَا إلَى الثَّانِي فَتَعْتَدُّ فِيهِ جَزْمًا، وَإِنْ لَمْ تَنْقُلْ الْأَمْتِعَةَ مِنْ الْأَوَّلِ (أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ فَفِي الْأَوَّلِ) تَعْتَدُّ (وَكَذَا لَوْ أَذِنَ ثُمَّ وَجَبَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ) مِنْهُ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ فِيهِ (وَلَوْ أَذِنَ فِي الِانْتِقَالِ إلَى بَلَدٍ فَكَمَسْكَنٍ) فِيمَا ذَكَرَ فَإِنْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ أَيْ قَبْلَ فِرَاقِ عُمْرَانِهِ اعْتَدَّتْ فِي مَسْكَنِهَا مِنْهُ أَوْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ وَقَبْلَ الْوُصُولِ إلَى الثَّانِي، فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، أَوْ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَيْهِ، اعْتَدَّتْ فِيهِ جَزْمًا (أَوْ) أَذِنَ (فِي سَفَرِ حَجٍّ أَوْ تِجَارَةٍ ثُمَّ وَجَبَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَهَا الرُّجُوعُ وَالْمُضِيُّ) وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ فِي سَيْرِهَا (فَإِنْ مَضَتْ) وَبَلَغَتْ الْمَقْصِدَ (أَقَامَتْ) فِيهِ (لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا ثُمَّ يَجِبُ الرُّجُوعُ) فِي الْحَالِ، (لِتَعْتَدَّ الْبَقِيَّةَ فِي الْمَسْكَنِ) فَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ تَنْقَضِي فِي الطَّرِيقِ وَجَبَ الرُّجُوعُ أَيْضًا، فِي الْأَصَحِّ، لِلْقُرْبِ مِنْ مَوْضِعِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَمْ تَمْضِ اعْتَدَّتْ الْبَقِيَّةَ فِي مَسْكَنِهَا، وَلَوْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ مَسْكَنِهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ أَوْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ لِلسَّفَرِ، وَلَمْ تُفَارِقْ عُمْرَانَ الْبَلَدِ لَزِمَهَا الْعَوْدُ إلَيْهِ، لِأَنَّهَا لَمْ تَشْرَعْ فِي السَّفَرِ، وَقِيلَ تَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالْمُضِيِّ لِتَضَرُّرِهَا بِتَرْكِهِ الْمُفَوِّتِ لِغَرَضِهَا، وَقِيلَ فِي سَفَرِ الْحَجِّ، تَتَخَيَّرُ وَفِي سَفَرِ التِّجَارَةِ، يَلْزَمُهَا الْعَوْدُ وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ، فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ.
(وَلَوْ خَرَجَتْ إلَى غَيْرِ الدَّارِ الْمَأْلُوفَةِ) لِسُكْنَاهَا (فَطَلَّقَ وَقَالَ مَا أَذِنْت فِي الْخُرُوجِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ، فَيَجِبُ رُجُوعُهَا فِي الْحَالِ إلَى دَارِ الْمَأْلُوفَةِ، وَلَوْ وَافَقَهَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الْخُرُوجِ، لَا يَجِبُ الرُّجُوعُ فِي الْحَالِ (وَلَوْ قَالَتْ نَقَلْتنِي) أَيْ أَذِنْت فِي النُّقْلَةِ إلَى هَذِهِ الدَّارِ فَأَعْتَدُّ فِيهَا (فَقَالَ بَلْ أَذِنْت) فِي الْخُرُوجِ إلَيْهَا (لِحَاجَةٍ) ذَكَرَهَا فَاعْتَدِّي فِي الْأُولَى (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِي النُّقْلَةِ، وَمُقَابِلُهُ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا، بِكَوْنِهَا فِي الثَّالِثَةِ، وَهُمَا قَوْلَانِ مَحْكِيَّانِ، فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ الزَّوْجَةُ، وَوَارِثُ الزَّوْجِ وَالْمَذْهَبُ تَصْدِيقُهَا، لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِمَا جَرَى مِنْ الْوَارِثِ، بِخِلَافِ الزَّوْجِ. (وَمَنْزِلُ بَدْوِيَّةٍ وَبَيْتُهَا مِنْ شَعْرٍ كَمَنْزِلِ حَضَرِيَّةٍ) فَعَلَيْهَا مُلَازَمَتُهُ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَإِنْ ارْتَحَلَ فِي أَثْنَائِهَا قَوْمُهَا، ارْتَحَلَتْ مَعَهُمْ لِلضَّرُورَةِ أَوْ أَهْلُهَا فَقَطْ، وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ وَعَدَدٌ، فَقِيلَ تَعْتَدُّ بَيْنَهُمْ لِتَيَسُّرِهِ، وَالْأَصَحُّ تَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالِارْتِحَالِ، لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ عَسِرَةٌ مُوحِشَةٌ (وَإِذَا كَانَ الْمَسْكَنُ) مَمْلُوكًا (لَهُ وَيَلِيقُ بِهَا تَعَيَّنَ) لِأَنْ تَعْتَدَّ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَّا فِي عِدَّةٍ ذَاتِ أَشْهُرٍ فَكَمُسْتَأْجِرٍ) فَيَصِحُّ، فِي الْأَظْهَرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ، (وَقِيلَ بَاطِلٌ) قَطْعًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ وَالْمُعْتَدَّةُ لَا تَمْلِكُهَا، فَكَأَنَّ الْمُطَلِّقَ بَاعَهُ وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهُ لِنَفْسِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَذَلِكَ بَاطِلٌ (أَوْ مُسْتَعَارًا لَزِمَتْهَا فِيهِ فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ وَلَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةٍ نُقِلَتْ) بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ بِهَا فَتَلْزَمُ الْمُطَلِّقَ، وَلَا تُنْقَلُ (وَكَذَا مُسْتَأْجِرًا نَقَضَتْ مُدَّتُهُ) فَإِذَا إذَا لَمْ يَرْضَ مَالِكُهُ بِتَحْدِيدِ إجَارَةِ تُنْقَلُ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ (أَوْ) مَمْلُوكًا (لَهَا اسْتَمَرَّتْ) فِيهِ لُزُومًا (وَطَلَبَتْ الْأُجْرَةَ) مِنْ الْمُطَلِّقِ، قَالَهُ صَاحِبَا الْمُذْهَبِ وَالتَّهْذِيبِ، وَقَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، تَتَخَيَّرُ بَيْنَ الِاسْتِمْرَارِ فِيهِ، بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ وَهُوَ أَوْلَى وَبَيْنَ طَلَبِ النَّقْلِ إلَى غَيْرِهِ، (فَإِنْ كَانَ مَسْكَنُ النِّكَاحِ نَفِيسًا فَلَهُ النَّقْلُ إلَى لَائِقٍ بِهَا أَوْ خَسِيسًا فَلَهَا الِامْتِنَاعُ) مِنْ الِاسْتِمْرَارِ فِيهِ، وَطَلَبُ النَّقْلِ إلَى لَائِقٍ بِهَا، وَحَيْثُ تُنْقَلُ يَنْبَغِي أَنْ تُنْقَلَ إلَى قَرِيبٍ مِنْ الْمَنْقُولِ عَنْهُ، بِحَسَبِ مَا يُمْكِنُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ وَاسْتَبْعَدَ الْغَزَالِيُّ الْوُجُوبَ وَتَرَدَّدَ فِي الِاسْتِحْبَابِ.
(وَلَيْسَ لَهُ مُسَاكَنَتُهَا وَمُدَاخَلَتُهَا) حَيْثُ فَضَّلَتْ الدَّارَ عَلَى سُكْنَى مِثْلِهَا لِمَا يَقَعُ فِيهِمَا مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا، وَهِيَ حَرَامٌ كَالْخَلْوَةِ بِأَجْنَبِيَّةٍ (فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ مَحْرَمٌ لَهَا مُمَيِّزٌ ذَكَرٌ أَوْ) مَحْرَمٌ (لَهُ) مُمَيِّزٌ (أُنْثَى أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى) كَذَلِكَ (أَوْ أَمَةٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ جَازَ) مَا ذَكَرَ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ فِيهِ لَكِنْ يُكْرَهُ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ النَّظَرُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ (وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَةٌ فَسَكَنَهَا أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ الْأُخْرَى فَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ كَمَطْبَخٍ وَمُسْتَرَاحٍ) وَمِصْعَدًا إلَى السَّطْحِ (اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ) حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ فِيمَا ذَكَرَ، (وَإِلَّا فَلَا) يُشْتَرَطُ (وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْلَقَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ بَابٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَمَرُّ إحْدَاهُمَا) يَمُرُّ فِيهِ (عَلَى الْأُخْرَى) كَمَا اشْتَرَطَهُمَا صَاحِبَا التَّهْذِيبِ وَالتَّتِمَّةِ وَغَيْرُهُمَا، حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ فِي ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الثَّانِيَ كَمَا فِي الْبَيْتَيْنِ مِنْ الْخَانِ، (وَسُفْلٌ وَعُلْوٌ كَدَارٍ وَحُجْرَةٍ) فِيمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ إنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ.

. باب الاستبراء:

هُوَ التَّرَبُّصُ بِالْمَرْأَةِ مُدَّةً بِسَبَبِ مِلْكِ الْيَمِينِ، حُدُوثًا أَوْ زَوَالًا لِتُعْرَفَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ أَوْ تَعَبُّدًا (يَجِبُ بِسَبَبَيْنِ أَحَدُهُمَا مِلْكُ أَمَةٍ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ سَبْيٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ تَحَالُفٍ أَوْ إقَالَةٍ) أَوْ قَبُولِ وَصِيَّةٍ (سَوَاءٌ بِكْرٌ وَمَنْ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَمُنْتَقِلَةٌ مِنْ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٌ وَغَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْمَذْكُورَاتِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الصَّغِيرَةُ وَالْآيِسَةُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ، وَلَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَاسَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، غَيْرَ الْمَسْبِيَّةِ عَلَيْهَا بِجَامِعِ حُدُوثِ الْمِلْكِ وَأَخَذَ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي الْمَسْبِيَّةِ، أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِكْرِ وَغَيْرِهَا، وَأَلْحَقَ مَنْ لَا تَحِيضُ مِنْ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ، بِمَنْ تَحِيضُ فِي اعْتِبَارِ قَدْرِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ غَالِبًا، وَهُوَ شَهْرٌ كَمَا سَيَأْتِي. (وَيَجِبُ) الِاسْتِبْرَاءُ (فِي مُكَاتَبَةٍ عُجِّزَتْ) أَيْ عَجَّزَهَا السَّيِّدُ لِعَوْدِ مِلْكِ الِاسْتِمْتَاعِ بَعْدَ زَوَالِهِ بِالْكِتَابَةِ وَكَذَا لَوْ فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ، يَجِبُ (وَكَذَا مُرْتَدَّةٌ) عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا، (فِي الْأَصَحِّ) لِعَوْدِ مِلْكِ الِاسْتِمْتَاعِ بَعْدَ زَوَالِهِ بِالرِّدَّةِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُنَافِي الْمِلْكَ بِخِلَافِ، الْكِتَابَةِ. (لَا مَنْ خَلَتْ مِنْ صَوْمٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَوْ إحْرَامٍ) بَعْدَ حُرْمَتِهَا عَلَى السَّيِّدِ بِذَلِكَ لِإِذْنِهِ فِيهِ. فَإِنَّهَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا لِأَنَّ حُرْمَتَهَا بِذَلِكَ لَا تُخِلُّ بِالْمِلْكِ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ (وَفِي الْإِحْرَامِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بَعْدَ الْحِلِّ مِنْهُ كَالرِّدَّةِ لِتَأَكُّدِ الْحُرْمَةِ بِهِ وَقَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ. (وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً فَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا (اُسْتُحِبَّ) الِاسْتِبْرَاءُ وَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ بِالشِّرَاءِ حِلٌّ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ لِيَتَمَيَّزَ وَلَدُ النِّكَاحِ عَنْ وَلَدِ مِلْكِ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ فِي النِّكَاحِ يَنْعَقِدُ مَمْلُوكًا ثُمَّ يَعْتِقُ فِي الْمِلْكِ وَفِي مِلْكِ الْيَمِينِ يَنْعَقِدُ حُرًّا وَتَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ، (وَقِيلَ يَجِبُ) الِاسْتِبْرَاءُ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ.
(وَلَوْ مَلَكَ مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً) عَنْ زَوْجٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْحَالِ أَوْ جَاهِلٌ بِهِ وَأَمْضَى الْبَيْعَ (لَمْ يَجِبْ) فِي الْحَالِ اسْتِبْرَاءٌ لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِحَقِّ غَيْرِهِ. (فَإِنْ زَالَا) أَيْ الْمَذْكُورَانِ، مِنْ الزَّوْجِيَّةِ وَالْعِدَّةِ بِأَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ، أَوْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ (وَجَبَ) الِاسْتِبْرَاءُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِحُدُوثِ الْمِلْكِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ حُدُوثَ الْمِلْكِ يَخْلُفُ عَنْهُ حِلُّهَا فَيَسْقُطُ أَثَرُهُ. (الثَّانِي زَوَالُ فِرَاشٍ عَنْ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ) غَيْرِ مُسْتَوْلَدَةٍ (أَوْ مُسْتَوْلَدَةٍ بِعِتْقٍ أَوْ مَوْتِ السَّيِّدِ) فَيَجِبُ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ، كَمَا تَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَى الْمُفَارَقَةِ عَنْ نِكَاحٍ. (وَلَوْ مَضَتْ مُدَّةُ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى مُسْتَوْلَدَةٍ ثُمَّ أَعْتَقَهَا) سَيِّدُهَا (أَوْ مَاتَ) عَنْهَا (وَجَبَ) عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ وَيُكْتَفَى بِمَا مَضَى (قُلْت وَلَوْ اسْتَبْرَأَ أَمَةً مَوْطُوءَةً) غَيْرَ مُسْتَوْلَدَةٍ (فَأَعْتَقَهَا لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ (وَتَتَزَوَّجُ فِي الْحَالِ إذْ لَا تُشْبِهُ مَنْكُوحَةً) بِخِلَافِ الْمُسْتَوْلَدَةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ). (وَيَحْرُمُ تَزَوُّجُ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ) غَيْرِ مُسْتَوْلَدَةٍ (وَمُسْتَوْلَدَةٍ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ حَذَرًا مِنْ اخْتِلَاطِ الْمَاءَيْنِ وَلَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ فَلَهُ نِكَاحُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَنْكِحُ الْمُعْتَدَّةَ مِنْهُ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يَقْتَضِي الِاسْتِبْرَاءَ، فَيَتَوَقَّفُ نِكَاحُهُ عَلَيْهِ، كَتَزْوِيجِهَا لِغَيْرِهِ (وَلَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ) عَنْهَا (وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (فَلَا اسْتِبْرَاءَ) عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ. (وَهُوَ) أَيْ وَالِاسْتِبْرَاءُ فِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ (بِقُرْءٍ وَهُوَ حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ فِي الْجَدِيدِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَالْقَدِيمِ أَنَّهُ طُهْرٌ كَمَا فِي الْعِدَّةِ، وَفَرَّقَ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْعِدَّةَ تَتَكَرَّرُ فِيهَا الْأَقْرَاءُ، فَتُعْرَفُ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ بِالْحَيْضِ الْمُتَخَلَّلِ بَيْنَهُمَا، وَهُنَا لَا تَتَكَرَّرُ فَيَعْتَمِدُ الْحَيْضُ الدَّالُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ كَامِلَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ سَبَبُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضَةِ، لَا يَكْفِي فِيهِ بَقِيَّتُهَا، فَلَا يَنْقَضِي الِاسْتِبْرَاءُ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْهَا ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، وَعَلَى الْقَدِيمِ لَوْ وُجِدَ السَّبَبُ فِي أَثْنَاءِ الطُّهْرِ اكْتَفَى بِبَاقِيهِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي الْعِدَّةِ، وَرَجَّحَهُ فِي الْبَسِيطِ، وَجَزَمَ الْبَغَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَلَا يَنْقَضِي الِاسْتِبْرَاءُ حَتَّى تَحِيضَ بَعْدَهُ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ، وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. وَفَارَقَ الْعِدَّةَ بِأَنَّ فِيهَا عَدَدًا، فَجَازَ أَنْ يُعَبِّرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ عَنْ اثْنَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ (وَذَاتُ أَشْهُرٍ) وَهِيَ الصَّغِيرَةُ وَالْآيِسَةُ، (بِشَهْرٍ) لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْقُرْءِ حَيْضًا وَطُهْرًا فِي الْغَالِبِ (وَفِي قَوْلِ بِثَلَاثَةٍ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَاءَ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الرَّحِمِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَهِيَ أَقَلُّ مَا يَدُلُّ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالرَّقِيقَةِ (وَحَامِلٌ مَسْبِيَّةٌ أَوْ زَالَ عَنْهَا فِرَاشُ سَيِّدٍ بِوَضْعِهِ) أَيْ الْحَمْلِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ.
(وَإِنْ مُلِكَتْ بِشِرَاءٍ) وَهِيَ فِي نِكَاحٍ أَوْ عِدَّةٍ (فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ فِي الْحَالِ) وَأَنَّهُ يَجِبُ بَعْدَ زَوَالِهِمَا فِي الْأَظْهَرِ فَلَا يَكُونُ الِاسْتِبْرَاءُ هُنَا بِالْوَضْعِ لِأَنَّهُ إمَّا غَيْرُ وَاجِبٍ أَوْ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْوَضْعِ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (يَحْصُلُ الِاسْتِبْرَاءُ بِوَضْعِ حَمْلِ زِنًى فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِهِ وَالثَّانِي لَا يَحْصُلُ الِاسْتِبْرَاءُ بِهِ كَمَا لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَدُفِعَ هَذَا بِاخْتِصَاصِ الْعِدَّةِ بِالتَّأْكِيدِ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ التَّكْرَارِ فِيهَا دُونَ الِاسْتِبْرَاءِ. (وَلَوْ مَضَى زَمَنُ اسْتِبْرَاءٍ بَعْدَ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ حُسِبَ إنْ مَلَكَ بِإِرْثٍ) لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ بِهِ لِتَأَكُّدِ الْمِلْكِ فِيهِ نَازِلٌ مَنْزِلَةً الْمَقْبُوضِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ بَيْعِهِ (وَكَذَا شِرَاءٌ فِي الْأَصَحِّ) لِتَمَامِ الْمِلْكِ وَلُزُومِهِ وَالثَّانِي لَا يُحْسَبُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ (لَا هِبَةٌ) فَإِنَّهُ إذَا مَضَى زَمَنُ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ عَقْدِهَا وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُحْسَبُ لِتَوَقُّفِ الْمِلْكِ فِيهَا عَلَى الْقَبْضِ فِي الْأَظْهَرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا وَتَسْمَحُ هُنَا فِي التَّعْبِيرِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا بِالْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِدَاعِي الِاخْتِصَارِ. (وَلَوْ اشْتَرَى مَجُوسِيَّةً) أَوْ مُرْتَدَّةً (فَحَاضَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَمْ يَكْفِ) حَيْضُهَا الْمَذْكُورُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ حِلَّ الِاسْتِمْتَاعِ الَّذِي هُوَ الْقَصْدُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَقِيلَ يَكْفِي لِوُقُوعِهِ فِي الْمِلْكِ الْمُسْتَقَرِّ.
(وَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بالمستبرأة) قَبْلَ انْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ (بِوَطْءٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَغَيْرِهِ) كَقُبْلَةٍ وَلَمْسٍ وَنَظَرٍ بِشَهْوَةٍ قِيَاسًا عَلَيْهِ (إلَّا مَسْبِيَّةً فَيَحِلُّ غَيْرُ وَطْءٍ وَقِيلَ لَا) يَحِلُّ فِيهَا أَيْضًا كَغَيْرِهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ فَارَقَ الْوَطْءُ غَيْرَهُ صِيَانَةً لِمَائِهِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ بِمَاءِ الْحَرْبِيِّ لَا لِحُرْمَةِ مَاءِ الْحَرْبِيِّ. (وَإِذَا قَالَتْ) مَمْلُوكَةٌ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ، (حِضْت صُدِّقَتْ) فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا وَلَا تَحْلِفُ فَإِنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ لَمْ يَقْدِرْ السَّيِّدُ عَلَى الْحَلِفِ (وَلَوْ مَنَعَتْ السَّيِّدَ فَقَالَ) لَهَا، (أَخْبَرْتنِي بِتَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ صُدِّقَ) فِي تَمَامِهِ عَلَيْهَا حَتَّى يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ الْغُسْلِ، لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مُفَوَّضٌ إلَى أَمَانَتِهِ وَلِهَذَا لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِخِلَافِ مَنْ وُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، وَهَلْ لَهَا تَحْلِيفُهُ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ، نَعَمْ قَالَ وَعَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّمَكُّنِ إذَا تَحَقَّقَتْ بَقَاءُ شَيْءٍ مِنْ زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنْ أَبَحْنَاهَا لَهُ فِي الظَّاهِرِ، (وَلَا تَصِيرُ أَمَةٌ فِرَاشًا إلَّا بِوَطْءٍ) وَيُعْلَمُ الْوَطْءُ بِإِقْرَارِهِ بِهِ وَالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، (فَإِذَا وَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ وَطْئِهِ لَحِقَهُ) وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ وَهَذَا فَائِدَةُ كَوْنِهَا فِرَاشًا بِالْوَطْءِ وَقَبْلَهُ لَا فِرَاشَ فِيهَا، وَإِنْ خَلَا بِهَا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ فِرَاشًا بِمُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ بِهَا حَتَّى إذَا وَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا لَحِقَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالْوَطْءِ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الِاسْتِمْتَاعُ وَالْوَلَدُ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالْإِمْكَانِ مِنْ الْخَلْوَةِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ وَقَدْ يُقْصَدُ بِهِ التِّجَارَةُ وَالِاسْتِخْدَامُ فَلَا يُكْتَفَى فِيهِ إلَّا بِالْإِمْكَانِ مِنْ الْوَطْءِ.
(وَلَوْ أَقَرَّ بِوَطْءٍ وَنَفَى الْوَلَدَ وَادَّعَى اسْتِبْرَاءً) بَعْدَ الْوَطْءِ بِحَيْضَةٍ وَأَتَى الْوَلَدُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، (لَمْ يَلْحَقْهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ وَفِي قَوْلٍ يَلْحَقُهُ تَخْرِيجًا مِنْ نَصِّهِ فِيمَا إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ فِرَاشِ التَّسَرِّي بِدَلِيلِ ثُبُوتِ النَّسَبِ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِهِ فِي التَّسَرِّي إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ وَقَدْ عَارَضَ الْوَطْءُ هُنَا الِاسْتِبْرَاءَ، فَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ اللُّحُوقُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ مِنْ نَصِّ الْأُمِّ قَوْلًا بِعَدَمِ اللُّحُوقِ. (فَإِنْ أَنْكَرَتْ الِاسْتِبْرَاءَ حَلَفَ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ)، وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلِاسْتِبْرَاءِ (وَقِيلَ يَجِبُ تَعَرُّضُهُ لِلِاسْتِبْرَاءِ) أَيْضًا، وَقِيلَ يَكْفِي الْحَلِفُ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَقِيلَ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ وَإِذَا حَلَفَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَهَلْ يَقُولُ اسْتَبْرَأْتهَا قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وِلَادَتِهَا هَذَا الْوَلَدَ، أَوْ يَقُولُ وَلَدَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِي فِيهِ وَجْهَانِ. (وَلَوْ ادَّعَتْ اسْتِيلَادًا فَأَنْكَرَ أَصْلِ الْوَطْءِ وَهُنَاكَ وَلَدٌ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ الْوَطْءِ، وَالثَّانِي يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ لَثَبَتَ النَّسَبُ، فَإِذَا أَنْكَرَ حَلَفَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ لَا يَحْلِفُ قَطْعًا (وَلَوْ قَالَ وَطِئْت وَعَزَلْت لَحِقَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ إلَى الرَّحِمِ وَهُوَ لَا يَحُسُّ بِهِ وَالثَّانِي لَا يَلْحَقُهُ كَدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ.

. كتاب الرضاع:

تَقَدَّمَ الْحُرْمَةُ كَالنَّسَبِ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ وَحُكْمُ عُرُوضِهِ بَعْدَ النِّكَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي. (إنَّمَا يَثْبُتُ بِلَبَنِ امْرَأَةٍ حَيَّةٍ بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ) فَلَا يَثْبُتُ بِلَبَنِ رَجُلٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ وَلَا بِلَبَنِ خُنْثَى مَا لَمْ تَظْهَرْ أُنُوثَتُهُ وَلَا بِلَبَنِ بَهِيمَةٍ حَتَّى إذَا شَرِبَ مِنْهُ صَغِيرَانِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى لَمْ يَثْبُتْ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةٌ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الطِّفْلِ صَلَاحِيَّةَ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ، وَلَا بِلَبَنِ مَيِّتَةٍ كَأَنْ ارْتَضَعَ مِنْهَا طِفْلٌ أَوْ حُلِبَ وَأَوْجَرَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُثَّةٍ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ، كَالْبَهِيمَةِ وَلَا بِلَبَنِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْوِلَادَةَ وَاللَّبَنُ الْمُحَرِّمُ فَرْعُهَا بِخِلَافِ مَنْ بَلَغَتْهَا لِوُصُولِهَا لِسِنِّ الْحَيْضِ وَسَوَاءٌ فِيهَا الْبِكْرُ وَالْخَلِيَّةُ وَغَيْرُهُمَا. (وَلَوْ حَلَبَتْ) لَبَنَهَا وَمَاتَتْ (فَأَوْجَرَ بَعْدَ مَوْتِهَا حَرَّمَ) بِالتَّشْدِيدِ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْفِصَالِهِ مِنْهَا وَهُوَ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ وَالثَّانِي لَا يُحَرِّمُ لِبُعْدِ إثْبَاتِ الْأُمُومَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، (وَلَوْ جُبِّنَ أَوْ نُزِعَ مِنْهُ زُبْدٌ) وَأُطْعِمَ الطِّفْلُ (حَرَّمَ) بِالتَّشْدِيدِ لِحُصُولِ التَّغَذِّي بِهِ، (وَلَوْ خُلِطَ بِمَائِعٍ حُرِّمَ إنْ غَلَبَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ عَلَى الْمَائِعِ، (فَإِنْ غُلِبَ) بِضَمِّ الْغَيْنِ بِأَنْ زَالَتْ أَوْصَافُهُ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ وَالرِّيحُ، (وَشَرِبَ الْكُلَّ قِيلَ أَوْ الْبَعْضَ حَرُمَ فِي الْأَظْهَرِ) لِوُصُولِ اللَّبَنِ إلَى الْجَوْفِ وَالثَّانِي لَا يُحَرِّمُ لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ الْمُسْتَهْلَكَ كَالْمَعْدُومِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ شُرْبَ الْبَعْضِ لَا يُحَرِّمُ لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ وُصُولِ اللَّبَنِ مِنْهُ إلَى الْجَوْفِ. فَإِنْ تَحَقَّقَ كَأَنْ بَقِيَ مِنْ الْمَخْلُوطِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ اللَّبَنِ حَرَّمَ جَزْمًا عَلَى الْأَظْهَرِ (وَيُحَرِّمُ) بِالتَّشْدِيدِ (إيجَارٌ) وَهُوَ صَبُّ اللَّبَنِ فِي الْحَلْقِ لِيَصِلَ إلَى الْجَوْفِ لِحُصُولِ التَّغَذِّي بِذَلِكَ (وَكَذَا إسْعَاطٌ) وَهُوَ صَبُّ اللَّبَنِ فِي الْأَنْفِ لِيَصِلَ إلَى الدِّمَاغِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الدِّمَاغَ جَوْفٌ لِلتَّغَذِّي كَالْمَعِدَةِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُحَرِّمُ لِانْتِفَاءِ التَّغَذِّي بِهِ (لَا حُقْنَةٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ التَّغَذِّي بِهَا لِأَنَّهَا لِإِسْهَالِ مَا انْعَقَدَ فِي الْأَمْعَاءِ وَالثَّانِي تُحَرِّمُ كَمَا يَحْصُلُ بِهَا الْفِطْرُ (وَشَرْطُهُ رَضِيعٌ حَيٌّ) يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الرَّضِيعُ حَيًّا فَلَا أَثَرَ لِوُصُولِ اللَّبَنِ إلَى مَعِدَةِ الْمَيِّتِ لِخُرُوجِهِ عَنْ التَّغَذِّي، (لَمْ يَبْلُغْ سَنَتَيْنِ) فَإِنْ بَلَغَهُمَا لَمْ يُحَرِّمْ ارْتِضَاعُهُ لِحَدِيثِ الْإِرْضَاعِ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ والدارقطني، وَتَعْتَبِرُ السَّنَتَانِ بِالْأَهِلَّةِ فَإِنْ انْكَسَرَ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ كَمُلَ بِالْعَدَدِ مِنْ الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ وَابْتِدَاؤُهُمَا مِنْ وَقْتِ انْفِصَالِ الْوَلَدِ بِتَمَامِهِ، (وَخَمْسُ رَضَعَاتٍ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ». (وَضَبْطُهُنَّ بِالْعُرْفِ فَلَوْ قَطَعَ إعْرَاضًا تَعَدَّدَ أَوْ لِلَّهْوِ وَعَادَ فِي الْحَالِ أَوْ تَحَوَّلَ مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ فَلَا) تَعَدُّدَ (وَلَوْ حَلَبَ مِنْهَا دَفْعَةً وَأَوْجَرَهُ خَمْسًا أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ حَلَبَ مِنْهَا فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ وَأَوْجَرَهُ فِي مَرَّةٍ (فَرَضْعَةٌ) نَظَرًا إلَى انْفِصَالِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَإِيجَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَفِي قَوْلٍ خَمْسٌ) نَظَرًا إلَى إيجَارِهِ فِي الْأُولَى وَانْفِصَالِهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَوْ شَكَّ هَلْ) رَضَعَ (خَمْسًا أَمْ أَقَلَّ أَوْ هَلْ رَضَعَ فِي الْحَوْلَيْنِ أَمْ بَعْدُ فَلَا تَحْرِيمَ) لِلشَّكِّ فِي سَبَبِهِ (وَفِي الثَّانِيَةِ قَوْلٌ أَوْ وَجْهٌ بِالتَّحْرِيمِ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمُدَّةِ، (وَتَصِيرُ الْمُرْضِعَةُ أُمَّهُ وَاَلَّذِي مِنْهُ اللَّبَنُ أَبَاهُ وَتَسْرِي الْحُرْمَةُ إلَى أَوْلَادِهِ) فَهُمْ إخْوَةُ الرَّضِيعِ وَأَخَوَاتُهُ.
(وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسٌ مُسْتَوْلَدَاتٍ أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَأُمُّ وَلَدٍ فَرَضَعَ طِفْلٌ مِنْ كُلِّ رَضْعَةٍ صَارَ ابْنَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ. (فَيَحْرُمْنَ عَلَى الطِّفْلِ لِأَنَّهُنَّ مَوْطُوءَاتُ أَبِيهِ)، وَلَا أُمُومَةَ لَهُنَّ مِنْ جِهَةِ الرَّضَاعِ، وَالثَّانِي لَا يَصِيرُ ابْنَهُ لِأَنَّ الْأُبُوَّةَ تَابِعَةٌ لِلْأُمُومَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ انْفِصَالَ اللَّبَنِ عَنْهَا مُشَاهَدٌ وَلَا أُمُومَةَ فَلَا أُبُوَّةَ فَلَا يَحْرُمْنَ عَلَيْهِ (وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الْمُسْتَوْلَدَاتِ بَنَاتٍ أَوْ أَخَوَاتٍ) فَرَضَعَ طِفْلٌ مِنْ كُلٍّ رَضْعَةً، (فَلَا حُرْمَةَ) بَيْنَ الرَّجُلِ وَالطِّفْلِ، (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْجَدَّ لِلْأُمِّ أَوْ الْخُؤُولَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِتَوَسُّطِ الْأُمُومَةِ وَلَا أُمُومَةَ هُنَا، وَالثَّانِي تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ تَنْزِيلًا لِلْبَنَاتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ مَنْزِلَةَ الْوَاحِدَةِ، كَمَا فِي الْمُسْتَوْلَدَاتِ وَعَلَى هَذَا قَالَ الْبَغَوِيُّ تَحْرُمُ الْمُرْضِعَاتُ لِكَوْنِهِنَّ أَخَوَاتِ الطِّفْلِ أَوْ عَمَّاتِهِ وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ الرَّجُلُ أَبًا وَلَيْسَ بِأَبٍ وَهُوَ إمَّا جَدٌّ لِأُمٍّ، أَوْ خَالٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ يَحْرُمْنَ لِكَوْنِهِنَّ كَالْخَالَاتِ لِأَنَّ بِنْتَ الْجَدِّ لِلْأُمِّ إذَا لَمْ تَكُنْ أُمًّا تَكُونُ خَالَةً. وَكَذَا أُخْتُ الْخَالِ (وَآبَاءُ الْمُرْضِعَةِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَجْدَادٌ لِلرَّضِيعِ) فَإِنْ كَانَ أُنْثَى حُرِّمَ عَلَيْهِمْ نِكَاحُهَا، (وَأُمَّهَاتُهَا) مِنْ نَسَبٍ وَرَضَاعٍ (جَدَّاتُهُ) فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا حُرِّمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهُنَّ، (وَأَوْلَادُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ إخْوَتُهُ وَإِخْوَتُهَا وَأَخَوَاتُهَا) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ) فَيَحْرُمُ التَّنَاكُحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَكَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِخِلَافِ أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ أَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ (وَأَبُو ذِي اللَّبَنِ) أَيْ أَبُو الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ اللَّبَنُ (جَدُّهُ وَأَخُوهُ عَمُّهُ وَكَذَا الْبَاقِي) فَأُمُّهُ جَدَّتُهُ. وَوَلَدُهُ أَخُوهُ أَوْ أُخْتُهُ وَأَخُوهُ وَأُخْتُهُ عَمُّهُ أَوْ عَمَّتُهُ وَأَوْلَادُ الرَّضِيعِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَحْفَادُ الْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْلِ.
(وَاللَّبَنُ لِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ وَلَدٌ نَزَلَ بِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ لَا زِنًى)، لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِلَبَنِ الزِّنَى فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الزَّانِي أَنْ يَنْكِحَ الصَّغِيرَةَ الْمُرْتَضِعَةَ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ لَكِنْ يُكْرَهُ، (وَلَوْ نَفَاهُ) أَيْ نَفَى الزَّوْجُ الْوَلَدَ، (بِلِعَانٍ انْتَفَى اللَّبَنُ النَّازِلُ بِهِ) حَتَّى لَوْ اُرْتُضِعَتْ بِهِ صَغِيرَةٌ حَلَّتْ لِلنَّافِي فَلَوْ اُسْتُلْحِقَ الْوَلَدُ لِحَقِّ الرَّضِيعِ أَيْضًا، (وَلَوْ وُطِئَتْ مَنْكُوحَةٌ) أَيْ وَطِئَهَا وَاحِدٌ، (بِشُبْهَةٍ أَوْ وَطِئَ اثْنَانِ) امْرَأَةً (بِشُبْهَةٍ فَوَلَدَتْ) بَعْدَ ذَلِكَ الْوَطْءِ وَلَدًا (فَاللَّبَنُ) النَّازِلُ بِهِ (لِمَنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ) فِيمَا ذَكَرَ (بِقَائِفٍ أَوْ غَيْرِهِ) بِأَنْ انْحَصَرَ الْإِمْكَانُ فِيهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَكَذَا الثَّانِيَةُ وَالْقَائِفُ حَيْثُ لَا يَنْحَصِرُ الْإِمْكَانُ فِي وَاحِدٍ، فَالْمُرْتَضَعُ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ وَلَدُ رَضَاعٍ لِمَنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ. (وَلَا تَنْقَطِعُ نِسْبَةُ اللَّبَنِ عَنْ زَوْجٍ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ) وَلَهُ لَبَنٌ، (وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ) كَعَشْرِ سِنِينَ بِأَنْ ارْتَضَعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مُتَرَتِّبُونَ (أَوْ انْقَطَعَ) اللَّبَنُ (وَعَادَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ إذْ الْكَلَامُ فِي الْخَلِيَّةِ، وَقِيلَ إنْ عَادَ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ كَمَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَهَا.
(فَإِنْ نَكَحَتْ آخَرَ وَوَلَدَتْ مِنْهُ فَاللَّبَنُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَهُ، وَقَبْلَهَا لِلْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ ظُهُورِ لَبَنِ حَمْلِ الثَّانِي) وَيُقَالُ إنَّ أَقَلَّ مُدَّةٍ يَحْدُثُ فِيهَا اللَّبَنُ لِلْحَمْلِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، (وَكَذَا إنْ دَخَلَ) وَقْتُهُ يَكُونُ اللَّبَنُ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لِأَنَّ اللَّبَنَ غِذَاءٌ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ فَيَتْبَعُ الْمُنْفَصِلَ وَسَوَاءٌ زَادَ اللَّبَنُ عَلَى مَا كَانَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ انْقَطَعَ وَعَادَ لِلْحَمْلِ أَمْ لَا (وَفِي قَوْلِ الثَّانِي) فِيمَا إذَا انْقَطَعَ ثُمَّ عَادَ لِلْحَمْلِ، (وَفِي قَوْلٍ لَهُمَا) وَفِي قَوْلٍ إنْ زَادَ فَلَهُمَا وَإِلَّا فَلِلْأَوَّلِ..
(فَصْلٌ: تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى) لَهُ (انْفَسَخَ نِكَاحُهُ) مِنْ الصَّغِيرَةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَه أَوْ بِنْتَ أُخْتِهِ أَوْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ مِنْ الْكَبِيرَةِ، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ، (وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ مَهْرِهَا) الْمُسَمَّى إنْ كَانَ صَحِيحًا وَإِلَّا فَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا، (وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ وَفِي قَوْلٍ كُلُّهُ) لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ الْبُضْعَ وَهُوَ مُتَقَوَّمٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالْأَوَّلُ اُعْتُبِرَ مَا يَجِبُ لَهُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ (وَلَوْ رَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا (وَلَا مَهْرَ لِلْمُرْتَضِعَةِ) لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حَصَلَ بِفِعْلِهَا وَذَلِكَ يَسْقُطُ الْمَهْرُ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ) زَوْجَتَانِ (كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْ أُمُّ الْكَبِيرَةِ الصَّغِيرَةَ انْفَسَخَتْ الصَّغِيرَةُ وَكَذَا الْكَبِيرَةُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ أُخْتَيْنِ وَالثَّانِي يَخْتَصُّ الِانْفِسَاخُ بِالصَّغِيرَةِ لِأَنَّ الْجَمْعَ حَصَلَ بِإِرْضَاعِهَا، (وَلَهُ) عَلَى الْأَظْهَرِ، (نِكَاحُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ جَمْعُهُمَا، (وَحُكْمُ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ) عَلَى الزَّوْجِ (وَتَغْرِيمُهُ الْمُرْضِعَةِ مَا سَبَقَ) فَعَلَيْهِ لِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي قَوْلٍ كُلُّهُ، (وَكَذَا الْكَبِيرَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً) لَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَلَهُ عَلَى أُمِّهَا الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَفِي قَوْلٍ كُلُّهُ. (فَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً فَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ مَهْرُ مِثْلٍ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِبِنْتِهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ بِكَمَالِهِ. وَالثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْبُضْعَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَتَقَوَّمُ لِلزَّوْجِ، (وَلَوْ أَرْضَعَتْ بِنْتُ الْكَبِيرَةِ الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا)، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ (وَكَذَا الصَّغِيرَةُ) حُرِّمَتْ أَبَدًا (إنْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ مَوْطُوءَةً) لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ الْمَوْطُوءَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً فَلَا تَحْرُمُ هِيَ، (وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَطَلَّقَهَا امْرَأَةً صَارَتْ أُمَّ امْرَأَتِهِ) فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا.
(وَلَوْ نَكَحَتْ مُطَلَّقَتُهُ صَغِيرًا وَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ حُرِّمَتْ عَلَى الْمُطَلِّقِ وَالصَّغِيرِ أَبَدًا) لِأَنَّهَا صَارَتْ زَوْجَةَ ابْنِ الْمُطَلِّقِ وَأَمَّ الصَّغِيرِ وَزَوْجَةَ أَبِيهِ، (وَلَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ) بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ، (فَأَرْضَعَتْهُ لَبَنَ السَّيِّدِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ) لِأَنَّهَا أُمُّهُ وَمَوْطُوءَةُ أَبِيهِ، (وَعَلَى السَّيِّدِ) لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ (وَلَوْ أَرْضَعَتْ مَوْطُوءَتُهُ الْأَمَةُ صَغِيرَةً تَحْتَهُ بِلَبَنِهِ أَوْ لَبَنِ غَيْرِهِ)، بِأَنْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ (حُرِّمَتَا عَلَيْهِ) أَبَدًا لِصَيْرُورَةِ الْأَمَةِ أُمَّ زَوْجَتِهِ وَالصَّغِيرَةِ بِنْتَه أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَتِهِ (وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا انْفَسَخَتَا) لِصَيْرُورَةِ الصَّغِيرَةِ بِنْتًا لِلْكَبِيرَةِ وَاجْتِمَاعُ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ فِي النِّكَاحِ مُمْتَنِعٌ (وَحُرِّمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا) لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ، (وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَ الْإِرْضَاعُ بِلَبَنِهِ) لِأَنَّهَا بِنْتُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْإِرْضَاعُ بِلَبَنِ غَيْرِهِ، (فَرَبِيبَةٌ) لَهُ فَإِنْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ وَإِلَّا فَلَا، (وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ كَبِيرَةٌ وَثَلَاثُ صَغَائِرَ فَأَرْضَعَتْهُنَّ حُرِّمَتْ أَبَدًا) لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَاتِهِ، (وَكَذَا الصَّغَائِرُ إنْ أَرْضَعَتْهُنَّ بِلَبَنِهِ أَوْ لَبَنِ غَيْرِهِ وَهِيَ مَوْطُوءَةٌ) لِأَنَّهُنَّ بَنَاتُهُ أَوْ بَنَاتُ مَدْخُولَتِهِ وَسَوَاءٌ أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا (وَإِلَّا) أَيْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً، (فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا بِإِيجَارِهِنَّ) الرَّضْعَةَ، (الْخَامِسَةَ انْفَسَخْنَ) لِصَيْرُورَتِهِنَّ أَخَوَاتٍ ولاجتماعهن مَعَ الْأُمِّ فِي النِّكَاحِ (وَلَا يَحْرُمْنَ مُؤَبَّدًا) لِانْتِفَاءِ الدُّخُولِ بِأُمِّهِنَّ فَلَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِ كُلٍّ مِنْهُنَّ مِنْ غَيْرِ جَمْعٍ بَيْنَ بَعْضِهِنَّ، (أَوْ) أَرْضَعَتْهُنَّ (مُرَتَّبًا لَمْ يَحْرُمْنَ) مُؤَيِّدًا لِمَا ذَكَرَ. (وَتَنْفَسِخُ الْأُولَى) بِإِرْضَاعِهَا لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْأُمِّ فِي النِّكَاحِ (وَالثَّالِثَةُ) بِإِرْضَاعِهَا لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ أُخْتِهَا الثَّانِيَةُ فِي النِّكَاحِ (وَتَنْفَسِخُ الثَّانِيَةُ) بِإِرْضَاعِ الثَّالِثَةِ لِمَا ذَكَرَ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِي النِّكَاحِ (وَفِي قَوْلٍ لَا يَنْفَسِخُ) لِأَنَّ اجْتِمَاعَ الْأُخْتَيْنِ إنَّمَا حَصَلَ بِالثَّالِثَةِ، فَيَخْتَصُّ الِانْفِسَاخُ بِهَا كَمَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا، (وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَنْ تَحْتَهُ صَغِيرَتَانِ أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ مُرَتَّبًا أَتَنْفَسِخَانِ أَمْ الثَّانِيَةُ) فَقَطْ الْأَظْهَرُ انْفِسَاخُهُمَا لِمَا ذَكَرَ وَلَوْ أَرْضَعَتْهُمَا مَعًا بِالطَّرِيقِ السَّابِقِ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا جَزْمًا لِمَا تَقَدَّمَ. وَالْمُرْضِعَةُ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتَيْهِ.